براعم الزهور

أولادنا براعم

أختي المسلمة ، أصبحنا في زمن كثرت فيه الشرور والمعاصي وكثر فيه الوثنية والإلحاد والكفروالشرك،  وكثر فيه الظلم والإستبداد والهرج والفتن ، فكيف ننقذ أنفسنا وأولادنا من كل أنواع الطواغيت التي تحيط بنا؟ كيف نحصّنهم من أعداء الله وأعداء الرسول وأعداء الإسلام ؟ كيف نربيهم رجالا صالحين مستقيمين لا عوج فيهم ولا في أخلاقهم وسلوكهم ؟ كيف ننشئهم أقوياء في دينهم ، لا يرهبهم قول ظالم ولا ادعاء كاذب ولا تستميلهم عادة مشينة ولا بدع مفترية، ولا يزحزحهم عن إيمانهم كافرمهاجم ولا دجال منافق، ولا مدع للإسلام كاذب، ولا عدو متربص.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته  “..

    نبدأ بأنفسنا وأولادنا أي نؤمن بالله ونقيم الفرائض ولا ننقص منها شيئا، وندعم إيماننا ونقويه بالعمل الصالح ونربّي أولادنا على طاعة الله ، لأن تربية الأولاد على طاعة الله واجبة وفرض على كل مسلم ومسلمة ، فالآباء مسؤولون عن تربية أولادهم أبناء وبنات. فالأهل ملزمون ومكلفون بالتربية الصالحة وبتنشئة أولادهم على طاعة الله وعدم المعصية لأن أولادنا أمانة وعهدة لدينا نرشدهم إلى الصراط المستقيم حتى يشد أزرهم ويبلغوا سن الرشد ونوصلهم إلى بر الأمان. قال الله تعالى : “والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون”.(سورة المؤمنون,المعارج

 أختي المسلمة إن تربية الأولاد على الإيمان والإستقامة عمل شاق وليس بالهين ،فأولادنا كالنبتة اليانعة  تتطلب منا الإعتناء والري واستقامة عودها في حالات تطورها لأن العود إن كبر وغلظ وهو أعوج استحال استقامته من بعد أن يشتدّ ويغلظ ولا ينفع ،فإما أن يكسر وإما أن يبقى أعوجا مدى الدهر،وساعتها تكون الندامة والعض على الأصابع يوم لا ينفع الندم . وكذلك  المحافظة عليها من العوامل الخارجية كالبرد والصقيع والجليد والحشرات المضرة..وتنظيف التربة وتغذيتها بالسماد والمواد النافعة حتى تنمو النبتة وتكبر في بيئة صالحة وتصبح شجرة مثمرة سليمة نافعة منتجة تسرّ القلب وتسرّالناظرين.وهكذا أولادنا.. فكل ما تتطلبه النبتة لتصبح شجرة مثمرة يتطلبه أولادنا ليصبحوا رجالا أشداء صالحين مثمرين لا عوج فيهم ولا في دينهم .

أختي المسلمة ..علمي أولادك منذ الصغر على حب الله وطاعة الله وقراءة القرآن ، علّميه عادات الإسلام وحب الإسلام وبرّالوالدين، علميه أن المسلم له عيدان فقط  عيد الفطر وعيد الأضحى وأن كل ما يحتفل به الغير من أعياد خاصة في بلاد الغرب أو في الشرق هي بدع وليست أعيادنا… علميه الصلاة حتى يألفها والصوم حتى يعتاده والعطف على المساكين وفعل الزكاة ، اصحبيه معك للمساجد حتى يرتادها في الكبر، اجعليه يراك تصلين وتقرأين القرآن وتصومين ، أبعدي عنه  العوامل الخارجية الفاسدة والمضرة كأصحاب السوء وبرمجي لهم استعمال الحاسوب داخل البيت.. وتأكدي من عدم  استعماله خارجه إذا لم يكن مهيئا لأعمارهم ، وهذا من أصعب المهمات مراقبة الأبناء والبنات من اي طارئ وعامل خارجي إن كان في المدرسة أو بين الرفاق والأصحاب. لذلك عندما يبلغ الولد أو البنت سن المراهقة وهي مرحلة خطيرة ففيها يعبر الولد من مرحلة الطفولة إلى البلوغ.وهنا  واجب الأهل التوعية الكاملة لأولادهم ، وشد أزرهم بالإيمان والأخلاق الحميدة وإفهامهم كل ما يدور من حولهم وتهيئتهم لما ينتظرهم من فتن وشرور حتى إن حدث ما يتوقع أو ما يتخوف حدوثه لا يتأثروا و يكونوا محصّنين بالخوف من الله وحسن الآداب والأخلاق.

أختي المسلمة، علمي أولادك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فالأولاد يستوعبون ويحفظون وينسخون كل ما يرونه وما يفعله الأهل أمامهم ، فإن قمت للصلاة قلّدك ووقف يصلّي معك وردد وراءك الآيات بخشوع وسكون كما تفعلين ،  وأيضا وبالعكس، إن تلفظ أحدهم بكلمة سيئة سارع وتلفظ بها دون أن يدري ما هي وما عواقبها وربما أدّت إلى خلاف ومشاكل بين الأسرة والأهل ، لذلك يتعلم الطفل ويقوم بأعمال ما يقوم به الأهل وأفراد الأسرة أمامه دون أن يعلم أبعادها وما تهدف إليه حتى يكبر ويعي ويعتاد على ما كان يفعله فإن  كان خيرا استقام وعدل ونفع نفسه وأهله ونفع الأمة من بعده، وإن كان شرا فسد وبطل وضرّ نفسه وأضرّ أهله وغيره والمجتمع من حوله . لذلك، فإن رآك تأمرين بمعروف تعلم منك وقلدك وأمر بمعروف ، وإن رآك تنهين عن منكر فعل مثلك ونهى عن منكر ، وغالبا ما تكون نصيحة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الصغار صائبة في مكانها وسريعة ونافذة في قلوب من يسمعها ومؤثرة ومبكية أحيانا، لأنها صادرة من فم بريء صادق وقلب طاهر لا يعرف النفاق والكذب ولا يشونه الإثم أواللغط.

أولادنا فلذة أكبادنا أمانة في عنقنا فعلينا تأدية الأمانة بصدق وإخلاص حتى يصلوا إلى بر الأمان، ويصبحوا رجالا ونساء صالحين وصالحات ينفعون أمتهم أمة الإسلام بالبر والإصلاح ، فهذا  فقيه عالم ينير الأجيال بعلمه وفقهه ويقود مجتمعه الى الصراط المستقيم،وهذا طبيب أمين ناجح متفوق يقوم بواجبه بإخلاص ويساعد الفقراء والمساكين ، وهذامهندس مخلص في مخططاته، وهذا محام صادق في مرافعاته، لايهمهم من مهنتهم جمع الأموال الطائلة فحسب كما يفعل معظم أصحاب هذه المهن المشهورين، وهذا عامل كادح لا تغريه الرشاوى ويكتفي بالحلال الذي أنعم الله عليه به، وهذه مدرّسة صادقة وأم صالحة تهذب الأجيال وتربيهم على الدين الحنيف، كل أولئك يرقون بأعمالهم الخيرة وعلمهم وأخلاقهم ومبادئهم الإسلامية إلى مجتمع سليم منتج معطاء حصين قوي متين ، ويومها يصبحون كالشجرة اليانعة المثمرة تسر القلب وتسرّ الناظرين.فنلكثر من هذه الأشجار المثمرة وليصبح مجتمعنا الإسلامي كله بساتين مثمرة، نحصّنها ونقويها وندعمها بالعلم والدين والإيمان  فلا تصل إليها أيدي العابثين والخاطفين والمنافقين والدجالين وأعداء الحق.

أختي المسلمة ..أولادنا كبراعم النبات تنمو وتكبر في حب الله وحب الإسلام ، فلنقوي هذه البراعم لتكبر وتورق  وتلتف على ساق الإسلام وتؤازره  بحب وقوة ،ونغيظ بهم أعداء الله والمشركين، كما التفت الصحابة رضوان الله عليهم حول النبي صلى الله عليه وسلم وآزروه وناصروه وجاهدوا معه فكانوا كما قال الله في كتابه العزيز في سورة الفتح:” كَزَرْ‌عٍ أَخْرَ‌جَ شَطْأَهُ فَآزَرَ‌هُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّ‌اعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ‌ ۗ وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَ‌ةً وَأَجْرً‌ا عَظِيمًا ﴿) ٢٩﴾صدق الله العظيم.

Scroll to Top