وَلَيَالٍ عَشْرٍ

بسم الله الرحمن الرحيم…وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ *لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق* صدق الله العظيم 

بعد عدة أيام يطل علينا شهر ذو الحجة وفيه تبدأ مناسك الحج والعمرة من أوله حتى العاشر منه،وقد بدأ العدّ العكسي وبدأ الحجاج من كل البلاد ومن كل فج عميق بالخروج إلى بيت الله الحرام لتأدية فريضة الحج كما أمرنا الله تعالى وهي الفريضة الخامسة من الفرائض الواجبة على كل مسلم ومسلمة عاقل راشد مستطيع. 

أختي المسلمة …هل تعلمين أن في موسم الحج في السنة العاشرة للبعثة من شهر ذي الحجة بدأت دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم  إلى أهل يثرب عندما اجتمعت القبائل من كل مكان وبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوهم قائلا: (يا أيها الناس، قولوا لا إله إلا الله تفلحوا، وتملكوا بها العرب، وتذل لكم العجم، وإذا آمنتم كنتم ملوكًا في الجنة.. ووجد الرسول صلى الله عليه وسلم ستة رجال من (يثرب) يتحدثون، فاقترب منهم، وقال لهم: من أنتم؟
قالوا: نفر من الخزرج.
قال: أَمِنْ موالى يهود (أي من حلفائهم)؟
قالوا: نعم.
قال: أفلا تجلسون أكلمكم؟. قالوا: بلى.
فجلس معهم وحدثهم عن الإسلام، وتلا عليهم القرآن، فانشرحت له صدورهم، وظهرت علامات القبول على وجوههم، وكانت بينهم وبين اليهود عداوة، فكان اليهود يهددونهم بظهور نبي، وسوف يؤيدونه ويقاتلونهم معه، فلما سمعوا كلام الرسول صلى الله عليه وسلم نظر بعضهم لبعض وقالوا: تعلمون والله إنه النبي الذي توعدكم به اليهود فلا يسبقُنَّكُم إليه .. فأجابوا الرسول صلى الله عليه وسلم فيما دعاهم إليه، ووعدوه بأن يقابلوه في العام المقبل، ثم انصرفوا إلى قومهم وحدثوهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتشرت أخباره في يثرب

.
بـيعة العقبة الأولى:
وفي شهر ذي الحجة سنة إحدى عشرة من البعثة، قدم إلى مكة اثنا عشر رجلا من أهل يثرب من بينهم خمسة من الستة الذين كلموا الرسول صلى الله عليه وسلم في العام الماضي، واجتمع معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكان اسمه العقبة؛ فآمنوا به صلى الله عليه وسلم، وبايعوه على ألا يشركوا بالله شيئًا، ولا يسرقوا، ولا يرتكبوا الفواحش والمنكرات، ولا يقتلوا أولادهم، ولا يعصوه صلى الله عليه وسلم في معروف يأمرهم به.
وكانت هذه هي بيعة العقبة الأولى، وعندما عادوا إلى يثرب أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم مصعب بن عمير -رضي الله عنه- ليعلمهم أمور الدين ويقرأ عليهم القرآن، فأسلم على يديه كثير من أهل يثرب.
بـيعة العقبة الثانية:
وفي شهر ذي الحجة من العام الثاني عشر من البعثة، ذهب ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان من أهل يثرب إلى الحج، ليبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، وفي ليلة الحادي عشر من ذي الحجة تسلل الرجال والمرأتان وذهبوا إلى العقبة، وجاء إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه عمه العباس بن عبدالمطلب، ولم يكن قد آمن وقتئذ، ولكنه جاء ليطمئن على اتفاق ابن أخيه مع أهل يثرب، وليبين لهم أنه قادر على حمايته في مكة إن لم يكونوا قادرين على حمايته في المدينة.
وتمت بيعة العقبة الثانية، وفيها عاهد الأنصار النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة، وقال لهم : (تبايعوني على السمع والطاعة، في النشاط والكسل، وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن تقولوا في الله لا تأخذكم لومة لائم، وعلى أن تنصروني إذا قدمت عليكم، وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة

وأما حجة الوداع للرسول صلى الله عليه وسلم وهي كانت آخر حجة له ،فكانت في السنة العاشرة للهجرة أيضا ،حينها وقف رسول الله  بين جموع المسلمين وهم حوالي مائة ألف مسلم يعظهم ويرشدهم. وهذا ربيعة بن أمية بن خلف ذو الصوت القوي العالي يبلِّغ عن رسول الله  حتى يسمع الجميع، وكان مما قاله رسول الله : “أيها الناس، اسمعوا قولي، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدًا، أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا” ونهاهم عن الربا، وأكل أموال الناس بالباطل، وأوصى الرجال بالنساء، يكرمونهن ويحسنون إليهن. ثم قال: “وأنتم تُسْأَلُون عني، فما أنتم قائلون؟” قالوا: إنك قد بلغت وأديت ونصحت. فقال ثلاث مرات: “اللهمَّ فاشهد..اللهم فاشهد …اللهم فاشهد

فسبحان الله كيف عدد عشرة يربط بين عدد أيام الحج في شهر ذي الحجة، من أول يوم ذي الحجة إلى عاشرها، وبين السنة العاشرة للبعثة النبوية، وبين السنة العاشرة للهجرة وكانت فيها حجة الوداع ،فسبحان الله علاّم الغيوب الذي عنده علم كل شئ وهوعالم الغيب والشهادة، وهو على كل شيئ قدير

وقد أقسم الله  تعالى بالليالي العشر الأول من شهر ذي الحجة في سورة الفجر:بسم الله الرحمن الرحيم :”والفجر* وليال عشر” .وقد ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس مرفوعا (ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيهن من هذه الأيام) يعني عشر ذي الحجة قالوا ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال (ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلا خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء), وروي الإمام أحمد بسنده عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن العشر عشر الأضحى والوتر يوم عرفة والشفع يوم النحر .

وما هي إلا عدة أيام ينقضي فيها شهر ذو القعدة ،فلنودعه بصالح الأعمال وكثرة الذكر والدعاء وقراءة القرآن, مستقبلين شهر ذي الحجة والأيام العشرة الأوائل من هذا الشهر بالتهليل والتكبير والتسبيح وبلبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك

نسأل الله تعالى أن يبلغنا هذه الأيام المباركة وان يعيدهاعلينا وعلى المسلمين في كل مكان باليُمن والخير والبركات    


Scroll to Top