يوم عرفة ..يوم الميثاق

بسم الله الرحمن الرحيم

يوم عرفة ..يوم الميثاق

أختي المسلمة… بعد أيام قليلة ، يطل علينا عيد الأضحى ببركته وصلاته ودعائه وبهجته وسروره وأضحيته ، سائلين الله عزّ وجلّ أن يكون عيدا مباركا وأن يتقبله منا ومن سائر المسلمين كافة .ولذلك علينا أن نجهز أنفسنا وأضحيتنا لإستقبال العيد ونحن في غبطة وسرور وفرحة تامة ..

ولكي تكتمل فرحتنا بيوم العيد لا بد أن نعرف ونعظّم اليوم الذي قبله وهو يوم عرفة ، يوم عرفة يوم الوقوف على جبل عرفات ، اليوم الذي لا تكتمل شعائر الحج إلا فيه ، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه “الحج عرفة” ، أي لا حج بدون عرفة لأن هذا اليوم هو يوم الإشهاد ، يوم الإستغفار، يوم الدعاء  ويوم الميثاق ..أي يوم العودة إلى الله لنجدّد عهدنا مع الله  أنه هو الحق وأنه لا إله إلا هو وحده لا شريك له

يوم عرفة : يوم الميثاق أي هو يوم اننا عرفنا فيه الله وعرفنا ما علينا وما لنا وما أكرم به الله علينا من كامل نعمه وشهدنا أنه هو ربنا،  يوم عرفة بنعمان أي بشاهد النعمة وامتلاء النعمة علينا ونعيد الميثاق مرة أخرى على أنه لاشريك له وأن النعمة له والملك له والحمد له، فكل ذرية آدم شهدت أن لا إله إلا الله ويوم يقول المشركون إنا كنا عن هذا غافلين أو أشرك آباؤنا من قبل  وإن كان هم وآباؤهم قد شهدوا قبلا مع الذين شهدوا أن لا له إلا الله. فعن ابن عباس _رضي الله عنهما_ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بِنَعْمان- يعني عرفة- وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذّر، ثم كلمهم قِبَلا، قال: (ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون) “الأعراف: 172.

الحج عرفة :في حجة الوداع  يوم حج الرسول صلى الله عليه وسلم وخطب بالناس أوعز إليهم أن يبقوا على مشاعرهم ويقفوا بها، وقال إنها من إرث أبيهم إبراهيم، وهنالك أقبل ناس ، فسألوه عن الحج فقال: (الحج عرفة، من جاء قبل صلاة الصبح من ليلة جمع تم حجه، أيام منى ثلاثة، فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه). وكان في دعائه رافعاً يديه إلى صدره، وأخبرهم أن خير الدعاء دعاء يوم عرفة وفي يوم عرفة كان يوم جمعة نزلت آية : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا”.

 فما أعظم هذا اليوم المبارك وما أجلّه ،  حتى أن الله تعالى أقسم بهذا اليوم في سورة الفجر : ” والفجر وليال عشر والشفع والوتر” فالليالي العشر هن ليالي  ذي الحجة التي تعظّم فيها شعائر الحج ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اليوم الموعود : يوم القيامة، واليوم المشهود : يوم عرفة، والشاهد: يوم الجمعة. “رواه الترمذي وحسنه الألباني
و الوتر الذي أقسم الله به في قوله: (والشفع والوتر) ” قال ابن عباس: الشفع يوم الأضحى، والوتر يوم عرفة، وهو قول عكرمة والضحاك

    يوم عرفة : يوم الإستغفار يوم العتق من النارففي صحيح مسلم عن عائشة _رضي الله عنها_ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدأ من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟  فيقول : اشهدوا ملائكتي أني قد غفرت لهم . رواه مسلم والنسائي ، وابن ماجة
وعن ابن عمررضي الله عنهما قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة، فيقول: (انظروا إلى عبادي، أتوني شعثا غبراً) رواه أحمد وصححه الألباني

 والصيام في يوم عرفة لغير الحاج  يكفر سنتين أي يمحو ذنوب سنتين بإذن الله تعالى اي يكفر السنة الماضية والسنة المقبلة فقد ورد عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: يكفر السنة الماضية والسنة القابلة .رواه مسلم
وهذا إنما يستحب لغير الحاج، أما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك صومه، وروي عنه أنه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة

يوم عرفة: يوم الدعاء لذلك يكثر الناس  من الدعاء والإستغفار في هذا اليوم، فإنه يرجى إجابة الدعاء فيه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) “رواه الترمذي وحسنه الألباني

فعلينا أختي المسلمة أن نتفرغ للذكر والدعاء والاستغفار في هذا اليوم العظيم، ولندعولأنفسنا ولوالدينا ولأهلنا وللمسلمين جميعا ، ولانعتدي، وأكثري من التهليل والتسبيح فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يكبّر ويهلّل في يوم عرفة .وحيث كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهم يخرجون إلى السوق يكبرون ويكبر الناس بتكبيرهما) والمقصود تذكير الناس ليكبروا فرادى لا جماعة، فأكثري من قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير،

واحذري من المخاصمة والمشاكسة والتنافر والبذيء من القول، واحذري الحرام في المأكل والمشرب والملبس والمركوب ، واذكري الله تعالى بخشوع وسكينة فإنها أقرب إلى البرّ والتقوى ، واكثري من قراءة القرآن وكبرّي وهللي قائمة وقاعدة وفي نفسك عند نزول السوق، فعسى الله أن يتقبل منك ومنا السؤال والغفران ويمحو عنا كل ذنب وكل معصية، ويدرأ عنا العذاب إنه هو الغفور الرحيم .

فهنيئا لنا عيدنا الأضحى وهنيئا لنا يوم عرفة وهنيئا لنا نعمة الله علينا نعمة الإسلام ،فيا ربّ نتوجّه إليك شاكرين حامدين نعمتك ، ونحن نجدّد إيماننا وعهدنا وميثاقنا معك ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،له الحمد وله الملك وهو على كل شيئ قدير، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

 

Scroll to Top